التعايش مع جدار الصوت

يأتيك فجأةً صوت دويّ شديد يهتزّ له كيانك. وتأخذك الصدمة لمدّة قبل أن تستوعب ما جرى، أو أن يقول لك أحدهم لا تقلق، هذا فقط خرقٌ لجدار الصوت.  يذكرك الانفجار القوي بأنك تعيش في حالة حرب مفتوحة على المجهول، وأن طائرةً حربية تَخطّت سرعة الصوت وخَرقتهُ عمداً للتهويل في إطار الحرب النفسية. بعد برهة قد تطول، تستعيد أنفاسك وتتيقّن أن المقصود بالغارة الوهمية هو ارهابك وخلق أجواء من الهلع والخوف. فالغارة الحقيقية لا تكترث بالضرورة باحداث خرق الصوت. فما هو سوى رسالة مُضمرة ومموّهة تتوجّه إلى اللا وعي بهدف زرع وتوكيد « أنهم يسيطرون على السماء ».

خرق جدار الصوت الذي تعزفُهُ الطائرات العدائية ويتكرر كثيراً هذه الأيام، لكننا لا نتعوّد عليه. إذ تختلف شدّة الارتجاج الناتج بحسب قرب الخرق من سطح الأرض. وقد يتعدد حدوثه مرات إذا ما شاركت فيه عدّة طائرات.
 وقد يكون في مقدور الإنسان التعوّد على خشخشة أو جلبة معينة ومتكررة، فذلك يدخل في أطار التلوُث الضوضائي الذي يضر في الأذن. لكن جدار الصوت يُحدث اضطراباً حسّياً في كامل قنوات السمع الداخلية ليصل إلى مناطق الدماغ بجملتها. وتكون له آثار تتعدى التعب النفسي. فهو يُطلقُ خوفاً يَستحيلُ قلقاً مستمراً من مستقبل داهمٍ نَجهَلهُ. والأمرّ أنه يضيف على اكتئاب اللبنانيين المزمن صعوبة في النوم وكوابيس 

وإذا كانت الموسيقى تعالج الصدمات النفسية فخرق جدار الصوت يُطلق عنانها في المكامن الدفينة. كما يمكن أن تكون له آثاراً تخريبية تشبه أضرار الهزات الأرضية البسيطة (قد تصل إلى معدل ثلاثة درجات). فينكسر زجاج النوافذ في محيط واسع وتزعزع هياكل الأبنية الضعيفة

يلجأ الناس من أجل التخفيف من وطأة الدويّ الصادم إلى الانشغال بالتحدث فيما بينهم عن مكانه ومستوى قوته. ولعل الأجدى، تحليل مقاصده النفسية في ضرب قيمة الصمود والتمسك بالارض