تضمر الغالبية العظمى من النساء عدم رضاهن على جمالية أجسادهن. ويحلمن بذاك الجسم المثالي الذي رُسم بعناية وحُددت له صفات التناسب والانسجام والإتقان. جمالية الجسم المقترحة في عالم اليوم، نجدها معروضة حولنا على لوحات الإعلانات وشاشات التلفاز والسينما وفي صور الفنانين وملكات الجمال. هكذا صار للجمال مقاسات، فبات ضرورياً لكي نكون « عالموضة » ان نقولب أجسامنا في أشكالٍ وُضع لها قواعد هندسية
وانبرت شركات الدعاية والإعلان لتسويق مواصفات الجسد الجميل. أنه رشيق ونحيل، رياضي وممتلئ في آن معاً. قائم على بنية عضلية غير منتفخة، لا تشوبه شُبهات دهنية و « لا يركب بعض لحمه بعضاً » كما يقول الجاحظ. ذي قامة ممشوقة وطويلة، مليئة بالمنحنيات الأنثوية، وتبرز فيه النهود مشدودة الى الأعلى والمؤخّرة كبيرة والأرداف عالية والبطن مسطّح. وتبدو الأكتاف عريضة، واليدان والساقان عضليتان، والعنق طويل تمنحه الإكسسوارات جاذبيّة خاصّة. والشعر طويل ناعم. والوجوه متناسقة الملامح يكللها جبين واسع، وذقن دقيق وأنف صغير مستقيم وأذنين صغيرتين. وتكون العيون واسعة وملوّنة وذات نظرات براقة، والرموش طويلة، والجفون بلا تجاعيد، والحواجب مرسومة رفيعة أو غليظة. ويكون الفمّ شبقياً، تزيّنه شفتان مكتنزتان شديدتا الحمرة تكشف عند الابتسام عن أسنان مستوية ناصعة البياض
ورغم الضغط الشديد الذي يهدف لتوحيد النظرة للجمال، برزت تمايزات « جمالية » لدى الشعوب والثقافات المختلفة
لنرصد بعضها، بخصوص البشرة مثلاً، تُجمع الشعوب على أهمية ليونة البشرة ونعومتها بينما تتفرد بعض قبائل جنوب السودان وفي بعض الدول الأفريقية بافتعال شقوق على وجه المرأة وعلى بطنها ويديها، كانوا يعتبرون المرأة غير المخمّشة ناقصة ولا تصلح للزواج
ونلحظ لدى الشعوب، فروقات على صعيد جمالية لون البشرة. فحين يميل الصينيون إلى تفضيل البشرة الباهتة، يحب الاميركيون البشرة الفاتحة أوتلك المائلة إلى السُّمرة، ويريدها البنغلادشيون حنطية. وتجدر الإشارة، أن لون البشرة الأسود الغامق يدل عند الأفارقة على صفاء عرق المرأة. وقد تضفي الغمازات على الخدود والشامات المختلفة جاذبية خاصة عند العديد من الشعوب ومنهم العرب
أما بياض الأسنان فمتفق عليه. لكن الأفريقيّات يعمدن إلى تزيين اللثة وتلوينها لتبدو الأسنان أكثر بياضاً
وبخصوص طول قامة المرأة، تفضل الشعوب العربية أن تكون المرأة طويلة وممشوقة القد. وكذلك الشعب الأميركي وغالبية شعوب اوروبا ما عدا البريطانيين والسويسريين، فهم يختارون المرأة متوسطة الطول. ولفتنا، أن التاريخ خلّد جمالية الملكة كليوباترا التي لم يكن طولها يتجاوز 150 سم
وفي كل الأحوال، يبقى المعيار ، أن الرجل يُحب المرأة التي تناسبه في الحجم والطول
وفي ما يتعلّق بجمالية العيون فإننا وجدنا اجماعاً على اعتبارها معلماً للأنوثة. وتغنّت الشعوب بسحر العيون واشعاعها حين تنعس وتنام في المقل. وأحب العرب « العيون التي في طرفها حَوَر »، وتلك الواسعة كعيون المها. وفضّلوا العيون السود، خالفهم بذلك الامريكيون والاوروبيون الذين استساغوا العيون الزرقاء والملوّنة. وكان للفراعنة الأسبقية في الإهتمام بالعيون فبحثوا عن أجود أنواع الكحل لكي يزيدونها سحراً وجاذبية
هذا غيض من فيض اجماعات وتمايزات النظرة إلى ما هو جمال الجسم. وقد كان ابن سينا محقاً حين عرّف الجمال: « أن يكون الشيء على ما يجب أن يكون »