جمالية الخصر النحيف أجمعت عليها ثقافات الشعوب المختلفة على مرّ الأزمنة. فالمصريون القدامى كانوا يفضّلون المرأة النحيلة. واليونانيون أضافوا على ذلك الشكل الرياضي، والرومانيون ميّزوا الأرداف المعتبرة والنهود المذهلة. وكانت أوروبا القرون الوسطى تعّري جميلاتها وتحرص على كشف نهودهن والرقبة والأكتاف. فشاع عندهم استعمال مشدّات للخصر بقصد تنحيفه ولكي تُفضي على الجسد طيفاً ساحراً
وكثرت الروايات عن المبالغة في ضغط المشدات وعن تسببها بإعاقة التنفس والهضم وتشوهات مختلفة في الصدر. ورُوي أن أطباءً أظهروا جثة امرأةٍ كان خصرها قد ضُغط لدرجة جعلت عظام القفص الصدري تتداخل عشوائياً. لكن استعمال المشدّات استمر أكثر من ثلاثة قرون رغم اصدار مراسيم ملكية عدة سعت لمنعها. الثورة الفرنسية أطاحت بها لفترة محدودة، لكنها عادت بقوة مع تعديلات في التصاميم جعلتها أكثر مرونة
وللخصر ومقاسه بالنسبة الى الوركين أهمية خاصة، فالخصر النحيف بنسبة معينة يبرز ملامح جسد جذاب ويدلّل على الخصوبة. إذ تُعتبر النساء اللواتي يتمتّعن بنسبة 60 الى 80 بالمئة صحيحات الجسم وقادرات على الإنجاب.وفي القرن الماضي بعد الحرب الكونية الثانية، استمر الخصر النحيف مطلباً أنثوياً بامتياز. وبالرغم من التسويق الدعائي للجسم الرياضي، تباهت نجمات السينما مثل مارلين مونرو بأجسامهنّ ذات المنحنيات الأنثوية البارزة والخصور النحيلة. لكن في ستينات القرن الماضي فضّلت النساء مظهر الثنائي الجِنس، فارتديّن حمّالات تُسَطّح الأثداء. فبدا الجسم مفتقداً لمنحنياته الطبيعية. ثم شاع بعدها، المثالٌ الانثوي الشاب وطغت أيقونة الشكل المراهق. أما الموضات الرائجة الآن، فتسعى الى ابتكار دائم لأشكال هندسية متنوعة لأعضاء الجسم دون المساس بالشكل النحيف للخصر
ومال الذوق العربي الى المرأة الممتلئة. ولعل عباس العقاد قد أحسن التعبير حين وصف بإسمهم الجسم الجميل أنه « يكون عندما تتوازن فيه وظائف الحياة، بغير زيادة ولا نقصان ». وتبقى « آيته أن تنهض أعضاؤه حرة سلسة الحركة ». يتفق ذلك مع كلام الجاحظ أن « أكثر الناس من البُصراء بجواهر النساء، يقدمون المجدولة التي تكون في منزلة بين السمينة والممشوقة … ولا بد من جودة القدّ وحسن الخرط واعتدال المنكبين واستواء الظهر… ولا بد من ان تكون كاسية العظام… وان تكون سليمة من الزوائد والفضول »