يعيش لبنان كمريض أُصيب حاكميه بداء جنون العظمة. فزعماء المنظومة المتسلطة على العباد يُظهرون عقلانيات زائفة. وتختلط لديهم الأولويات. وهم يهدرون الوقت في إنكار الواقع.
نظرياً، يحوي أي وضع متفجر على عناصر مسّرعة للوعي، في حالتنا اللبنانية، كان يُفترض بقوى التغيير أن تُمسك باللحظة، وأن تؤطر جهودها وتنجز مشروعاً لقيام دولة الحق والقانون، دولة مدنية وجامعة تلملم الوطن الذي مزقته صراعات العشائر والمذاهب والطوائف
ونظرياً أيضاً، إذا لم يتم فرض أولويات من قبل القوى الحيّة في المجتمع، فإن النظام القديم سيعيد الإمساك بالأمور ويلغي مكتسبات الوعي المواطني والتطلعات الكبيرة التي تولدت في انتفاضة 17 تشرين. على أرض الواقع، نجد هذه القوى الحية منقسمة على نفسها لا تملك رؤية واحدة وموحدة للبنان القادم، بالإضافة إلى أن قسم منها يعتمد نفس أساليب وممارسات قوى أحزاب السلطة
ونعلم، أن عودة المجنون إلى حالٍ من العقلانية يتم غالباً عن طريق البحث الجاد والمضني أو عن طريق الصدمة القوية. ولا حول لنا سوى الأمل ألا يكون الانهيار المتسارع للنظام القديم دموياً؟ ومن حقنا توقع الأسوأ، لأن النظام الطائفي « مكربج عالآخر »، وتتحكم به الفيتويات. والمعارضات في الجانب المقابل لا تُحسن التصرف وتحمّل المسؤولية. وكيف لا نتوقع الأسوأ والصراعات الاقليمية في حالة غليان ونحن مجرد ساحة مستباحة