الهضم باختصار، هو مجموعة العمليات المنظمة والمعقّدة التي تحوّل الطعام إلى مكوّناته الغذائية الأولية، أي الغلوكوز والأحماض الدهنية القصيرة والأحماض الأمينية، باللإضافة إلى الفيتامينات والمعادن. فيحصل تفكيك وتحلّل للأطعمة لكي يَسهل امتصاصها في الأمعاء. تلبي هذه العمليات حاجات الجسم من الطاقة ومن مواد أولية ضرورية، كي يبني ويجدد خلاياه وأنسجته. وتستغرق المدّة المتوسطة للهضم بين 24 و 72 ساعة. ويمكننا تمييز هضم ميكانيكي بفعل عضلات الفك واللسان والمعدة وعمل الأسنان، عن الهضم الكيميائي الذي يتمّ بمساعدة أنزيمات نجدها في الفم والمعدة والأمعاء الدقيقة والغدد المحيطة
تبدأ رحلة الهضم في الفم حيث تتشرّب لقمة الطعام اللعاب، وتخضع إلى عمليات تقطيعٍ وعلك وطحن أولي تودي إلى تفكك أولي للنشويات. وتؤثر سرعة المضغ على فعالية مراحل الهضم التي ستجري في المعدة وفي الأمعاء. فلطول مدّة تواجد اللقمة في الفم، أثرٌ عظيم على عمليات الهضم في المراحل التالية.
ثم تتقدم كتلة الطعام الممضوغ أو البلعة بفعل التقلصات العضلية لإنبوب المريء إلى المعدة، حيث تختلط بعصاراتها، وتستحيل مادة سائلة بفعل عمليات الهرس والعجن والامتزاج مع عصاراتها. وتستغرق المحطة المعوية بين نصف ساعة و3 الى 4 ساعات. خلالها تقوم المعدة بتقلصات عضلية في كل الاتجاهات، وأيضاً عمليات مزج مع حامض الكلوريدريك والببسين وغيرها. فتتشكل مادة مائعة تختلط في الجزء الأعلى من الأمعاء مع أنزيمات البنكرياس ومع عصارة الكبد الصفراء التي تحضّر هضم الدهنيات وتهيئ لامتصاص الفيتامينات
ويُكمل سائل الغذاء مسيرته نحو الأمعاء الدقيقة. وهناك يمتزج بأنزيمات البنكرياس وعُصارة الكبد الصفراء وتحصل 95 بالمئة من عمليات الهضم الكيميائي، أي افراز انزيمات وهرمونات وعمليات امتصاص للعناصر الغذائية. وفي موازاة تقدم السائل الغذائي في الأمعاء الغليظة يجري امتصاص محتواه من الماء والأملاح.
وبصورة اجمالية، تحصل عمليات تفكك وتحلّل لمكونات الأطعمة الرئيسية كالنشويات والدهنيات والبروتينات، إلى أصغر فأصغر بحيث يَسهل دخولها إلى مجرى الدم. والنتيجة أن يتمّ هضم النشويات في الفم ويستمر في الأمعاء الدقيقة، لتنتهي إلى سكريات بسيطة سهلة الامتصاص مثل الغلوكوز والفركتوز. وتُهضم الدهنيات في الأمعاء الدقيقة وتتحوّل عبر مسار محسوب إلى أحماض دهنية قصيرة. أما هضم البروتينات فيبدأ في المعدة بمساعدة أحماض الهيدروكلوريك والبيبسين ويستكمل في الأمعاء الدقيقة بواسطة إنزيمات البنكرياس. حتى نحصل بالنتيجة على حوامض أمينية
ويننتهي مطاف الهضم بالتخلص من الفضلات والسموم