01/07/2025

بعد العدوان على ايران ، هل هناك معادلات جديدة؟

Spread the love

بدأت الحرب الإسرائيلية- الامريكية على ايران فجأة، وانتهت بشكل « مسرحي » عبر تأكيدات  من الرئيس دونالد ترامب ووزير خارجيته  في اليوم التالي، أن المحادثات بين واشنطن وطهران « . واعدة » في التوصل إلى اتفاق سلام شامل وطويل الأمد مع الإيرانيين.
من المبكر الإحاطة بمعطيات ما جرى، أو في تقييم ما حققته اسرائيل وامريكا من أهداف كانوا قد أعلنوها بغلواء منقطعة النظير. تعليقات ساسة وصحفيين اسرائيليين سارعت بالقول « نحن من أشعلنا هذه الحرب »، « لكننا بالتأكيد لسنا من سيُنهيها » ولن تكون بالضرورة « في صالحنا ».

– نجحت اسرائيل في توجيه ضربة أولى كانت تريدها قاضية، حققت لها السيطرة على الجو. كما كشفت عن خرق أمني استخباراتي كبير، إذ أظهرت شبكة من العملاء والمتعاونين أنشأوا عملياً قاعدة عمليّاتية في عدد من المناطق الإيرانية. اعتقل منهم كثيرون، وقيل أنهم من الأفغان الذين تلقوا تدريبات من الموساد لتصنيع واستخدام الطائرات المسيرة التي كانوا قد قاموا بإدخال قطعها وأعادوا تركيبها داخل إيران. واستهدف العدوان عشرات المواقع الحساسة فاغتالت النخب العسكرية والامنية والنووية الاساسية للنظام. 

– لكن الضربة الإسرائيلية فشلت في إفقاد السلطة الايرانية القدرة على السيطرة التامة على مقاليد الأمور. فردّت بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة المتطورة. واستطاعت خرق اقوى شبكة دفاع جوي في العالم، مطلقةً صواريخ الجيل الجديد مثل « فتاح » و « خيبر »، التي أنتجت أضراراً بالغة على الجبهة الداخلية الإسرائيلية. وقدّر معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب عدد الصواريخ الباليستية والمسيّرات التي أطلقت من إيران ب 591 صاروخ باليستي و1050 مسيّرة، كما ذكر أن صافرات الإنذار قد دوّت 19434 مرّة.

دخل ترامب الحرب مستهدفاً المنشآت النووية . وكان ذلك أهم انتصار لإسرائيل. أعلن « عدم السماح للإيرانيين بتخصيب أي يورانيوم بعد الآن ». ثم ذكر في اليوم التالي أن عملاء لإسرائيل زاروا فوردو بعد قصفه تأكدوا من تدمير كامل للمنشآت النووية. وكانت تسريبات إعلامية (انتقدها ترامب) تحدثت عن تقييم استخباراتي أولي للهجوم كشف أن القصف أخّر برنامج إيران النووي لأشهر فقط. وتبجح الرئيس ترامب بالعملية « النظيفة » التي لم يسقط فيها أي طائرة ولم يجرح حتى جندي واحد. لكنه تمايز بأهدافه عن الأهداف الإسرائيلية بأنه لا يسعى لتغيير النظام وأنه ليس مضطراً  للسماح لعملية عسكرية محدودة بالتحول لحرب تستمر سنوات. 

وبدا أن تصعيد العمليات العسكرية بلا سقف ويتجه نحو مواجهة شاملة بعد أن « تجرأت » ايران باطلاق صواريخ على قاعدة العديد « الفارغة ». وفي اللحظة الحرجة، أعلن ترامب فجأة انتهاء المهمة الاميركية وأخذ بالضغط المباشر على ايران واسرائيل لوقف إطلاق النار. لم يكتف فقط بذلك، بل أوحى إلى تحوّل ايران الى صديق وأعلن انزعاجه من مواقف لنتنياهو قد تستثير المعارك.

أما الأهداف الثلاثة للحرب التي أعلنتها اسرائيل وهي: منع ايران من انتاج قنابل نووية و تفكيك البرنامج الصاروخي وتغيير « نظام الملالي ». فيمكن القول أن لا شيئ حاسم بعد بالنسبة إلى الاحتفاظ بحق ايران بالتخصيب النووي لأهداف سلمية على أراضيها. مع العلم أن مجلس الشورى الإيراني قد صادق رسمياً على قرار تعليق تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وتتضارب المعلومات حول كمية الصواريخ الدقيقة المتبقية وقدرات ايران الفعلية في انتاجها بعد إصابة الكثير من مصانع الأسلحة. أما هدف اسقاط النظام الذي خاض حرباً بدون دعم أي دولة أو اي حليف من أذرعه ، فأمرٌ متروكٌ للزمن.. والحال أن العدوان أدى على المدى المباشر إلى تعزيز المشاعر الوطنية والقومية الإيرانية التي سيستفيد منها النظام الذي دافع عن الكرامة الوطنية، وسط ندرة ردود فعل الإيرانيين المعارضين في داخل البلاد وخارجها.

ونراه اليوم يعلن كعادته الانتصار فوق الدمار، وهو يتهيأ للجلوس على طاولة المفاوضات الاقليمية. لكننا لا زلنا في بداية الطريق لرسم معادلات جديدة ، والتي تنتظر وقف الإبادة في غزة.